"المسلم للمسلم كالبنيان، يشد بعضه بعضاً"، إنطلاقاً من كلمات المصطفى محمد بن عبد الله، التي أسست مبئاً للتراحم والتلاحم بين المسلمين، وليس التنافر والتاحر، أدان خطيبا المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة، ما تعرضت له مدرسة أطفال في بيشاور الباكستانية أخيراً، وراح ضحيتها ما يقارب الـ 130 شخصاً، معظمهم من الأطفال الطلبة.
ولأن الإسلام دين رحمة يحث على التراحم ونبذ الفرقة بن المجتمع، ورغم بعد المسافة بين المدينتان المقدستان (مكة والمدينة) عن باكستان جغرافياً، إلا أن روابط الدين والثقافة، التي تربط الأمة الإسلامية بعضها ببعض، دفعت بخطيبي المسجدين المكي والنبوي للتركيز في خطبتيهما لصلاة الجمعة لهذا اليوم، على الحادث الذي ضرب مدرسة أطفال في بيشاور الباكستانية، وهز مشاعر المسلمين والعالم، نظير شناعته وسوء فعله، وأوضح الشيخ صالح آل طالب إمام وخطيب المسجد المكي أن : "أعظم ما يسيء للإسلام، ويبطئ من دعوته، ويحد من انتشاره، تصرفات بعض المسلمين وخاصة من يظن نفسه من المحافظين عليه، حيث رأينا في السنوات المتأخرة جرائم من أمثال هؤلاء، عملت في الإساءة للإسلام والدعوة إليه، ما لم يستطع أعداؤه على مثله".
وأضاف الشيخ آل طالب : "المؤسف أن أفعالهم تلك لم تكن ساحتها ساحة حرب أو ضحاياها محاربون، بل كانت مدارس المسلمين، وبيوتهم وأسواقهم، وكان آخرها جريمة الهجوم على مدرسة أطفال في دولة الباكستان، راح ضحيتها أكثر من مائة وثلاثين قتيلاً، معظمهم من الأطفال".
وأكد : "لا عذر لأولئك القتلة عند الله، ولا تبرير من أي عقل وعاقل، ولن يقبل صنيعهم ضمير أو تستسيغه مروءة، وقد ولغ القتلة في دم حرام، وأزهقوا أنفساً لم يجر قلم التكليف على أكثرهم، فما ذنب هؤلاء، وما ذنب أطفال سورية والعراق وغيرهم، ممن يمطرون بالقتل صبح مساء، ويشردون في جوع وخوف وزمهرير الشتاء، ولذلك فالفاعل هم المجرمون والإسلام منهم براء".
وأشار إلى أن : "من أصول ديننا والمعلوم منه بالضرورة عصمة الدماء، وتعظيم خطرها، ومع ذلك نرى سفكه أهون ما يكون عند كثيرين، يجترئون عليه بآراء منحرفة وفتاوى مزيفة،
رغم أن الإسلام قد حفظ دماء صبيان الكفار المحاربين، فكيف بصبيان المسلمين الآمنين، نعوذ بالله من الانتكاسة في الدين، وسلوك سبيل الخوارج، ونسأل الله أن يكفي المسلمين شرورهم، وأن يردهم على أعقابهم، وأن يرحم موتى المسلمين ويشفي الجرحى والمصابين، عزاء المسلمين لأسر الضحايا، رحم الله الأموات، وأخلف على ذوي الأطفال، وجعلهم لهم شفعاء وفي كفالة أبيهم إبراهيم عليه السلام".

إمام المسجد النبوي : الحداث عمل جبان عجز إبليس عن فعله

في حين أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي أن : "ما حدث في بيشاور الباكستانية من عملية قتل لأكثر من 120 نفساً، بينهم أطفال كثر، تعد جريمة لا تطيقها الجبال الرواسي، قام بها قتلة مجرمون، وعصابة مفسدون، وإرهابيون خاسرون، وأعداء للإنسانية شريرون، وقد أبتليت المجتمعات وخاصة في بلاد المسلمين بمثل هذه الأعمال الإرهابية المأساوية، وهذه الحادثة حادثة مأساوية، وعمل إرهابي إجرامي، جمع من كبائر الآثام والمعاصي عدداً كبيراً".
وأضاف : "ولاة أمر هذه البلاد دأبوا على محاربة الإهاب، وإيقاف هذه الجرائم واجتثاث جذورها حتى لا تتكرر، فهذه أعمال عجز عن فعلها إبليس، وعلى العلماء أن يحذروا المسلمين من هذه الأعمال الوحشية، فهي أعمال شوهت صورة الإسلام والمسلمين".

السديس: ما حدث طغياناً وإرهاباً 

أعرب الرئيس العام لشؤون المسجدالحرام والمسجدالنبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس باسمه واسم أئمة وخطباء وعلماء الحرمين الشريفين عن استنكاره للحادث الإجرامي والهجوم الدموي الذي شهدته إحدى المدارس في مدينة بيشاور شمال غرب باكستان وراح ضحيته أكثر من مائة وخمسين قتيلا وجرح مائتين وخمسون شخصاً وتضرر خمسمائة أسرة من جراء ه ما بين طلاب ومعلمين ومعلمات عاداً ذلك إجراماً وفساداً وعدواناً وإرهاباً وطغياناَ ً.
ودعا  المسلمين إلى تقوى الله والحذر من أعمال العنف والجرائم الإرهابية التي هي من الشر العظيم وتهدد أمن المجتمعات وإستقرارها مستشهداً بقوله تعالى (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) وقَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) ، محذراً من هذه الأفعال الشنيعة والأعمال الإرهابية وأبان أنها خديعة أعداء الإسلام بهذه الوسائل الإجرامية التي جعلوا بلاد المسلمين ميدانا لتجربتها فيهم وهم في بلادهم لإيطالهم شيء منها .
وبين أن الدماء التي تراق دون وجه حق وبلا سبب شرعي إنما هي ظلم وعدوان وإرعاب وإرهاب ومسالك جاهلية حيث جاء في الحديث " لَا يَزَالُ الْمَرْءُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا " .
وشدد على أن الشريعة الغراء جاءت لحفظ الدماء وتعظيم شأنها, مهيباً بالجميع الحذر من هذه المسالك الضالة, وتحقيق الأمن بجميع صوره لاسيما على الأنفس والأبدان داعياً الله تعالى للقتلى بالرحمة والمغفرة والرضوان وأن يكونوا في عداد الشهداء الأبرار .
ودعا  للجرحى بالشفاء والعافية ولأهل المتوفين بحسن العزاء وجبر المصاب وإلهام الصبر والإحتساب وعظم الأجر والمثوبة وأن يحفظ الله المسلمين وبلادهم من عدوان المعتدين وإرهاب الحاقدين المتربصين وأن يديم المولى على بلاد المسلمين الأمن والأمان والإستقرار .
تفاصيل أوفر عن هجوم مدرسة بيشاور 2014 على الرابط أسفله: